أكَّد سماحة الشيخ فيصل العوامي على أهمية إسداء النصيحة الصادقة وذلك في إطار إحياء ذكرى ميلاد أبي الفضل العباس، والذي صادف يوم الجمعة.
حيث صدَّر سماحته خطبته بما روي بسندٍ صحيحٍ عن الإمام الصادق في زيارته لأبي الفضل العباس
: (أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة لخلف النبي المرسل...)، مشيراً إلى الأهمية التي تميّزت بها شخصية أبي الفضل العباس، حتى أن المعصوم خصّه بزيارةٍ خاصة دون بقية أصحاب الإمام الحسين
العظام، مع ما فيها من معاني وصفات تدلُّ على ذلك المقام الرفيع الذي حظي به
، حتى أن الإمام زين العابدين
قال في حقه: (إن لعمي العباس عند الله لدرجة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة)، وأضاف سماحته بأن العباس ومع أنه لم يكن نبياً أو وصياً إلا أن الإمام الصادق
قال فيه: (لعن الله من جهل حقك، واستخفَّ بحرمتك)، مما يشي بالمكانة العالية، والمنزلة الرفيعة التي نالها سلام الله عليه.
من جانبٍ آخر أكّد سماحته على بعض المعاني والصفات التي حملتها لنا هذه الزيارة المروية في حقه، وفي مقدمة الصفات التي أشار إليها سماحته (قيمة النصيحة) والتي تجلَّت بشكلٍ كبير في شخصية أبي الفضل ، إذ لم تكن نصيحته مجرد نصيحة عابرة، وإنما كما قال الإمام الصادق
: (أشهد أنك بالغت في النصيحة)، وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنما يدل على إخلاصه واجتهاده فيما نصح.
وفي الضمن ردّ سماحته إشكالية عقائدية يمكن أن تطرأ على بال البعض، وهي: كيف ينصح الداني العالي، أي كيف ينصح العباسُ الإمامَ الحسينَ وهو الإمام المعصوم؟
وأجاب عنه: بأن لا إشكال في أن يقدِّم من هو أقل مرتبةً نصيحةً لمن هو أعلى منه، إذ طالما قدَّم الأصحاب النصيحة والمشورة للنبي الأكرم ، وطالما قبل منهم ذلك وأمضاه.
ثم تحدَّث سماحته عن الفوائد التربوية للنصيحة، وفيما أشار إليه أن البعض ربما يقدِّم النصيحة مجتزأةً أو مليئةً بالشك والريب، أو فيها شيءٌ من المراوغة وعدم الصدق والإخلاص؛ لأسباب مختلفة، قد يكون في مقدمتها الأهواء والميول التي تتملّك من يقدِّم النصيحة. من هنا أكّد سماحته على ضرورة اختيار الشخص المناسب لأخذ النصيحة منه، على أن يكون بعيداً عن الأهواء والميول والرغبات والمصالح الشخصية، هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى تطلبها ممن يدعمك ويقف معك فيما ينصح، لا أن يخذلك ويتركك وحيداً، وهذا ما كان عليه أبو الفضل العباس ، فكان بحق (نعم الأخ المواسي لأخيه).