س: هل العقل الإنساني يمكن أن يتفهَّم فكرة وجود عالم آخر بعد الموت؟

 ج: نعم هو كذلك، فالعقل السليم غير المشوَّش بالأوهام هو ما يدلنا على وجود مثل هذا العالم من جهات كثيرة.

فإن كان الكلام عن الإمكانية فالدليل الحس والوجدان، ففي كل يوم يحصل ما يشير إلى اليوم الآخر، فالزرع مثلًا يموت ثم تعود له الحياة من جديد، وفي ذلك قال تعالى (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الآخرة). 

وإن كان الكلام عن الهدفية فنهاية الانسان بموته يتنافى مع الهدفية من الوجود خصوصًا الانساني، إذ ما قيمة وجود عاقل يفنى ولا يستمر. بينما الاستمرار دليل قيمته العليا وموقعيته من الوجود.

وإن كان من جهة موازين العدل التي يقول بها العقل الانساني فضلًا عن الدين، فأي عدل هذا الذي لا يكافأ فيه المحسن على إحسانه ولا يؤاخَذ فيه المسيء على إساءته؟! لذلك فميزان العدل يقتضي وجود فرصة للثواب والعقاب.

وأظن أن مَنْ يبدي هذا التشكيك إنما يحاول الهروب من تحمل المسؤولية في الحياة لأن الإقرار بالعالم الآخر يحمّل الإنسان مسؤوليات، وإلا فالفطرة السليمة والعقل الإنساني يدلان على وجود ذلك العالم ولو لم يكن ثمة من يؤكد عليه كالأنبياء والكتب السماوية.